تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
كلمة مع فتاوى وأجوبة السائلين
2664 مشاهدة print word pdf
line-top
الاختلاف بين الفقهاء

ولا شك أنه يوجد في كثير من المسائل خلاف من عهد الصحابة؛ وذلك في المسائل الاجتهادية التي ليس فيها نص، أو فيها أدلة مختلفة، فيقع فيها اختلاف بين الصحابة، فيكون ذلك من التوسعة الخلافات في المسائل الفروعية من التوسعة على الأمة. يوجد بين الصحابة اختلاف، ويوجد بين الأئمة اختلاف في العبادات وفي غيرها حتى أن أحدهم يخالف شيخه.
فمثلا الشافعي رحمه الله تعلم من مالك واستفاد منه، ولكنه خالف مالكا ؛ فإن مالكا مثلا لا يرى قراءة البسملة في الصلاة والشافعي يرى جهرا بها، يرى أن الجهر بها هو الأصل.
كذلك مالك لا يرى التورك في الصلاة كما هو مشهور عنه، والشافعي يرى التورك في كل تشهد بعده سلام. ومالك كما نقل عنه لا يرى قبض اليد اليسرى باليد اليمنى ووضعهما على الصدر، كما تشاهدون المالكية يسدلون أيديهم، وخالفهم في ذلك الشافعية.
وكذلك يرون أن مالكا لا يرى القراءة خلف الإمام في الجهرية، ويرى ذلك الشافعي ونحو ذلك من الاختلافات في الصلاة وفي غيرها. ومع ذلك فإن بعضهم لا يخطىء بعضا؛ لما سئل الشافعي هل نصلي خلف من يقلد مالكا ؟ فقال: أو لست أصلي خلف مالك ؟! فهو ما عابه ولكن هذا اجتهاده وهذا اجتهاده، ولكل مجتهد نصيب. فإذا سمعنا فتوى من أحد العلماء ثم رأينا فتوى أخرى تخالفها؛ فلا يجوز أن نطعن في هذا ولا في هذا، بل نقول: لكل اجتهاده، وكل منهم على خير.
وهذا من التوسعة على الأمة؛ أن من أخذ بقول هذا فلا عيب عليه، ومن أخذ بقول الآخر فلا إنكار عليه. ولكن لا ينبغي للإنسان أن يبقى متحيرا بل يختار ما هو الأقرب للدليل، لا ما هو الأسهل له؛ سيما إذا لم يكن أهل الفتوى على حد سواء. ولا شك أيضا أنه يجب على الإنسان التحري في الفتوى، فلا يجوز أن يفتي كل من سمع شيئا وإن لم يفقهه؛ فقد يقع في الخطأ.
ورد في حديث: من أفتى بغير ثبت فإثمه على من أفتاه يعني من أفتاه عالم غير متثبت فالمستفتي لا إثم عليه؛ لأنه قلد أو تبع من أفتاه، وأما المفتي فإنه عليه الإثم إذا أفتى بغير تثبت. وقد كان كثير من العلماء يتورعون عن كثير من المسائل التي تقع لهم ولو كانوا أئمة؛ فقد ثبت عن الإمام مالك أنه سئل مرة عن أربعين مسألة؛ فأجاب عن أربع مسائل وتوقف عن ست وثلاثين، فقال له السائل: إني قد قطعت إليك مسافة طويلة، جئتك من مكان بعيد من مسيرة شهر، فقال: لا أفتيك بما لا أعلم. وكان الإمام أحمد رحمه الله يتوقف في كثير من المسائل مخافة الغلط، ويقرأ قول الله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ .
فيوجد في كثير من المسائل التي عرضت عليه أنه يتوقف فيها؛ فيقول: لا أدري، وكثير من المسائل يقول: أرجو فيها كذا من غير جزم، وكثير من المسائل يفتي فيها بقول ثم يترجح عليه عنده قول آخر؛ فيفتي بقول ثان أو ثالث؛ فيروي عنه أصحابه ثلاث روايات أو أربع روايات في مسألة واحدة، وذلك بحسب الانتهاء وبحسب استحضار الأدلة.
فالمسائل التي تعرض في هذه المجالس ويجاب عليها، يعرف أن هذا هو الفتوى المشهورة التي ذكرها العلماء في مؤلفاتهم، وإن كان هناك مذاهب أخرى قد تخالفها، فيعمل الإنسان بما ترجح عنده. والآن نشتغل بسماع هذه المسائل.
س: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. جزى الله شيخنا خير الجزاء، نسأل الله أن ينفعنا بما سمعنا. يقول السائل: كانت القبائل في الجزيرة العربية .. تستند إلى قوانين تسمى .. سلوم ومذاهب ترجع إليها في حال اختلافها أو خصوماتها، .. وما زالت بعض هذه المذاهب والسلوم يعمل به إلى الآن، فمثلا إذا مد أحد يده على أحد بضرب فإذا كانت الضربة باليد فقط فلها حكم وإذا كانت بعصا فلها حكم أكبر وهكذا، وإذا كانت بالسكين فلها حكم أكبر من العصا تزود الغرامة في ذلك؛ وقد يغرم بذبح شاة أو بقرة، هذا يسمى ...
لو أطلق رجل على الآخر اللعنة؛ أو انتقصه بكلمة يرى فيها إهانة فيحكم عليه الحكم كذبح شاة وهكذا. وإذا اتفقت القبيلة على مذهب أو قانون، فليس لأحد أن يخرج عنه، ولو خرج من القانون استبعد من كل شيء، حتى إنه أدت بعدم دفنه إذا مات. إن بعض القبائل حددت المهور بمبلغ معين فيما بينها، فإذا زاد أحد على أحد على هذا المهر المعين؛ أخذ منه بقوة القبيلة؛ وصودر لصالح القبيلة، ويغرم عليه مبلغ آخر. فيرى بعض الناس أن الشكوى إلى الدولة ... شرعا فيه تفلت عن القبيلة، وأن ما تحكم به القبيلة أسرع وأسهل. تسمع على لسان بعض الأفراد قوله: حق القبيلة أفضل من الجرجرة في المحاكم. ما الفرق بين .. و.. والصلح؟
لا شك أن الشرع فيه الكفاية وفيه الوفاء بهذه الأمور، والحكومة أيدها الله قد نصبت القضاة في كل قطر وفي كل بلد قاض أو قضاة. وهؤلاء القضاة ممن درسوا علم الشريعة، وممن قرءوا علم الأحكام، وعرفوا الحلال والحرام وعرفوا كيف الفصل في الخصومات والمنازعات؛ فالواجب الترافع إليهم. عندما تحصل مشكلة من هذه المشاكل الترافع إلى القاضي الشرعي هو الأصل، فلا يجوز التدخل في الأمور الشرعية، وتغييرها بهذه المسميات التي هي قوانين أو نحوها ولو سموها بالسلوم أو بالعادات أو ما أشبه ذلك.
فالشرع واف كاف في هذا كله وفيه الحكم، ولم يأت إلى القاضي مسألة إلا وحكم فيها، إذا كانت في خلاف بين اثنين أو بين قبيلتين، ولا يمكنه أن يتعذر ويقول: لا أدري. وإذا توقف رفعت إلى الوزارة، ففيها قضاة ينظرون في هذه الأمور، أو رفعها إلى التمييز بعدما يحكم فيها، والتمييز قضاة أيضا مشهورون معروفون، فنقول: عليكم الرفع إلى القاضي في هذه المشاكل. ومع ذلك لا بأس بالصلح بين الخصمين أو بين الاثنين، رئيس القبيلة أو أحد أفراد القبيلة، إذا وقع بين اثنين خصام وصل إلى ضرب باليد أو ضرب بالعصا، أو ضرب بالسكين أو ما أشبه ذلك؛ فالصلح خير، يعني يسعى في الصلح بينهما.
ولا يكون الصلح على شيء منظما، بل لكل قضية ما يناسبها؛ فله أن يقول: أصلح بينكما أنت أيها المدعي نطلب منك أن تتنازل عن رفع الدعوى، وأنت أيها المدعى عليه، نطلب منك أن ترضي أخاك وصاحبك بما يرضى به سواء عن ضربة باليد، أو عن كلمة يعني منكرة كتعيير أو رمي بسوء أو ما أشبه ذلك. الصلح خير ، ولو أن تعطيه دراهم مقابل هذه الضربة أو مقابل هذه الكلمة. إذا سعى رئيس القبيلة للصلح بينهما، في كل قضية بما يناسبها، فإن هذا خير.
وقد دل على ذلك حديث أبي شريح الخزاعي أنه كان يكنى بأبي الحكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فقال: إن قومي كانوا إذا اختلفوا في شيء أتوني؛ فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟ قلت: شريح ومسلم وعبد الله قال: من أكبرهم؟ قال: شريح قال: فأنت أبو شريح .
كانوا يكنونه بأبي الحكم ؛ لأنه كان يصلح بينهم، في الجاهلية إذا اختلفوا أصلح بينهم. فالنبي عليه السلام أقر وقال: ما أحسن هذا! ؛ فمثل هذه الاختلافات إذا لم يقنعوا بصلحك أيها الرئيس، فإنهم يترافعون إلى القاضي، وإذا حكم القاضي لزمهم أن يرضوا.
لا بأس بتحديد مهور فيها مصلحة من غير أن يكون إلزاما. إذا رأت القبيلة أننا نخفف على شبابنا، فنجعل المهر كذا وكذا ألفا حتى لا نثقل عليهم، ولا يكون ذلك إجبارا بل يكون رأيا حسنا؛ لأن في إلزامهم به إلزاما حتميا مخالفة للنصوص. وكذلك لو خالف أحد وزاد أو نقص فلا نتدخل عليه، ولكن ننكر عليه إنكاره.
كوننا نقول: إنك زدت على المحدد، فمن باب التمكين نلزمك أن تدفع ألفا. قد يكون في هذا تكلفة، إن دفع ذلك باختياره فلا بأس بذلك. فأما إذا ألجئ على ذلك وأكره، فأرى أن ذلك لا يجوز لأنه لم تطب به نفسه، وفي الحديث لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه وهكذا أيضا لو نقص، لو اتفق الولي والزوج على أن المهر ثلاثة آلاف نكتفي بها، كان ذلك من الجائز، فعلى كل حال هذا من الأمور التي تحظى بالمصلحة.
س: جزاكم الله خيرا. يكون الناس في ... مدة بالنسبة للصلاة قبل دخول وقت الفرض توقيت الذي وضعته الأوقاف؛ هل صلاتهم صحيحة أم لا؟
الصلاة لها حدود ولها مواقيت. يحدد للظهر بعد الآذان ثلث ساعة وكذا العصر والعشاء ونحوها فينبغي التقيد بهذا، ولكن لو رأى أن الجماعة يشق عليهم الانتظار أكثر من ذلك؛ فله أن يتقدم يصلي بعد آذان الظهر بعشر دقائق أو ربع ساعة، يستثنى من ذلك صلاة الفجر فإنهم يشق عليهم لو صلاها قبل الوقت المحدد خمس وعشرون دقيقة ينتظر حتى تمضي هذه المدة؛ لأن منهم من هو بحاجة إلى وضوء ومنهم من بحاجة إلى اغتسال ومن هو نائم يحتاج إلى من يوقظه؛ فينتظر هذا الوقت.
س: إذن السؤال الأول يا شيخ يقول: هناك نكال وصلح ارتباط بين الجائز ..؟
الصلح جائز، وأما النكال فلا يجوز إلا في حق ولاة الأمور. من عصى على ولاة الأمور وخرج عن الطاعة أو صدر منه بعض المخالفة فإن تعذيبه بتغريم أو نحوه يسمى تنكيلا ويسمى تعزيرا وهو جائز للمصلحة.
س: هل عم الرسول صلى الله عليه وسلم كافر أو مسلم؛ عمه أبو طالب ؟
مات على الكفر ومات على الشرك. في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر قبل الوفاة جاء إليه وقال: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، أو أشهد لك بها عند الله وكان عنده جليسان من المشركين أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فأعادا عليه وأعادا فكان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أُنهَ عنك، فنهاه الله بقوله: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى .
فهذا دليل على أنه مات على الشرك. وقد ورد أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل نفعت عمك أبا طالب فإنه كان يحوطك ويحميك؟ فقال: وجدته في أسفل النار فشفعت فيه وجعلته في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه نعوذ بالله إن هذا هو الذي ثبت في حق أبي طالب ولا عبرة بالرافضة الذين يدعون أنه مؤمن ومسلم ويعتمدون على أكاذيب لفقوها.
س: جزاكم الله خيرا. في بعض السنن والآداب ... فالبعض يعمل بما ثبت عنده ويكره أن يفعل بالأقوال الأخرى؛ فهل ذلك من بغض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
لا يجوز إذا كان العمل له حكم أن يقدم عليه إلا بالدليل. وإذا لم يكن له حكم بل هو من الأمور المباحة فيعمل بما يظهر له. وإذا كان له حكم وبلغه ذلك الحكم ولو من عامة الناس يقول: سمعت فلانا يقول: إن الحكم كذا وكذا، ولم يسمع لما يناقضه وكان ذلك الذي سمع منه ليس بمتهم -جاز أن يعمل بقوله.
س: يقول: ... ونحن جميعا نحبك في الله ... ولدي سؤال هل من حلف برب المصحف أو برب الكعبة أو بآيات الله؛ هل هذا يعتبر حلف بغير الله ؟
الحلف بالله هو الحلف بأسمائه أو بصفاته اللازمة؛ فإذا حلف بالرحمن أو بالعزيز أو حلف بعزة الله أو بوجه الله -انعقد يمينه. أما الحلف بآيات الله فأرى أنه لا يجوز لأن من آياته المخلوقات كما في قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فإذا قال: أحلف بآيات الله دخلت في ذلك المخلوقات.
يجوز الحلف بكلام الله لأنه غير مخلوق أو بالقرآن لأنه غير مخلوق، ولأنه صفة من صفات الله أو بعلم الله لأنه غير مخلوق؛ فالصفات اللازمة كالعلم والقدرة -قدرة الله- وما أشبه ذلك فيجوز الحلف بها.
س: ما حكم استخدام الحناء خصوصا إذا كان الشعر أسود وليس بأبيض؟
لا تستخدم الحناء إلا لتغيير الشيب، هذا هو الأصل. يستخدمها الرجل إذا ابيض شعر وجهه من باب تغييره، ولا يجوز إذا كان الشعر أسود لا حاجة إلى استخدامه؛ لأن الأصل أنه باق على نباته لا للرجال ولا للنساء. ولا يجوز أيضا للنساء الأصباغ الملونة المتعددة؛ أن تجعل بعض شعرها أبيض أو بعضه أحمر وبعضه أسود وبعضه أخضر وبعضه أزرق -هذا من تغيير خلق الله.
س: يقول السائل: النزول إلى السجود هل يكون على الركبتين أو على اليدين؟، وجلسة الاستراحة
الراجح أنه على الركبتين. إذا كان شابا قويا قادرا فيقدم ركبتيه وذلك لأن هذه صفة النشاط والقوة. ولا يقدم يديه إلا إذا كان مريضا أو كبيرا عاجزا، ويستنكر منه إذا انحنى وقدم يديه في المجلس. إذا دخلت على أهل مجلس وأنت في سن الشباب والفتوة والقوة؛ كيف تجلس؟ هل تنحني وتقدم اليدين وتعتمد عليها ثم تجلس؟ أو تجلس وأنت قائم؟ لا شك أن هذه جلسة النشيط، أعني أن يجلس من قيام وألا يحني ظهره إلا الكبير العاجز ونحوه الذي يعجزه الاعتماد على الأعصاب، ولا تحمله الأعصاب. هذا هو الصحيح والأحاديث صريحة في ذلك.
والأحاديث التي تخالفها ضعيفة، فورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يعتمد الرجل على يديه في الصلاة إذا قدم يديه اعتمد عليهما، وفي حديث آخر أنه قال: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وفي رواية: لا يبرك أحدكم في صلاته كما يبرك الفحل البعير والفحل معلوم أنه يقدم يديه قبل رجليه فنهى عن التشبه به. فهذا هو وجه الدليل والمسألة فيها خلاف، ولكن هذا هو الراجح، وهذا هو المعتمد، قد رجحه ابن القيم في ثلاثة من كتبه وبين خطأ بعض الرواة الذين قالوا: وليضع يديه قبل ركبتيه أن هذا خطأ من الرواة وأن الصواب يضع ركبتيه قبل يديه.
أما جلسة الاستراحة فما ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في آخر حياته، الذين وصفوا صلاته ما ذكروها، إنما ذكرها مالك بن الحويرث وهو ما وفد إلا في آخر سنة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقلها أحد غيره؛ فعلى هذا تجوز في حق الكبير الذي يشق عليه النهوض على ركبتيه، فأما إذا كان قويا نشيطا فإنه ينهض معتمدا على ركبتيه ويقوم على صدور قدميه ولا يجلس هذه الجلسة إلا لكبر أو مرض.
س: يقول: رجل عليه دين عتق عدد من الرقاب وهو معسر؛ فهل يجوز لجماعته مساعدته في ثمن هذه الرقاب؟
... يمكن أن سببه الحوادث؛ أعني أنه عمل حادثا ومات معه عدد فيعتق عن كل واحد من الأموات رقبة، وإذا لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين. وفي هذه الأزمنة لا توجد الرقاب، ذكروا أنها توجد في دولة موريتانيا ولكن لا تباع إلا بالرؤية فلا بأس إذا كان عاجزا عنها وقدر على أن يسافر أحد إلى تلك الدولة ويحجز له عدد ما يكون ما عليه من الرقاب أن يطلب المساعدة من قبيلته أو من غيرهم.
س: يقول: نأمل إسداء بعض النصائح للنساء، حيث يوجد في المسجد نساء تحثهم على المحافظة على أمور دينهن. جزاكم الله خيرا.
النساء كالرجال. الأحكام التي تلزم الرجال تلزم النساء؛ مثل المحافظة على الصلاة وعلى المواقيت وعلى الصيام وما أشبه ذلك. لا شك أن المرأة مسئولة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها . فعليها أولا طاعة زوجها إذا لم تكن في معصية، قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا حفظت المرأة فرجها وأطاعت زوجها وصامت شهرها وصلت خمسها دخلت الجنة .
وكذلك ثبت أنه قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؛ أي لما له من الحق عليها، وقال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح أي من حقه عليها. المرأة أيضا لها أحكام تخصها فيما يتعلق بالعبادات والكلام عليها طويل نذكر رءوسه.
فمن ذلك أمور الحيض، أمر كتبه الله على بنات آدم دم طبيعة وجبلة ترخيه الرحم في أوقات معلومة، خلقه الله لحكمة تغذية الجنين. فإذا كانت المرأة حاملا لم تحض، ويكون هذا الدم غذاء يتغذى به الجنين مع سرته. فإذا لم تكن حاملا فإنه يخرج في أوقات محددة. إذا كانت حائضا فإنها لا تصلي ولا تقض الصلاة، ولا تصوم ولكن تقضي الصيام. ولا يطؤها زوجها في الفرج، وله أن يستمتع منها بما دون الفرج.
وإذا طهرت من الحيض في آخر النهار قبل المغرب ولو بخمس دقائق ثم اغتسلت؛ قضت الظهر والعصر لأنها أدركت آخر وقتيها الذي تجمع فيه. وإذا طهرت آخر الليل قبل طلوع الفجر ولو بخمس دقائق اغتسلت وصلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت قبل طلوع الشمس اغتسلت وصلت الفجر. وإذا طهرت في الضحى فلا تقض شيئا. وهذا بعض الأحكام التي تتعلق بالحيض ذكروا أنها لا تقرأ القرآن وهي حائض إلا إذا خافت نسيان ما حفظته؛ فلها أن تتذكر ولا تمس القرآن؛ لأنه لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ .
ولا تدخل المسجد وإذا احتاجت إلى الإتيان لحضور درس أو ندوة أو نحوها جلست في ملحقات المسجد، ولا تطوف بالبيت وهي حائض. وإذا حاضت في حج أو في عمرة أخرت الطواف حتى تطهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري وكذلك بالنسبة إلى ما يتعلق بالزوج لا يطلقها وهي حائض ولا وهي نفساء؛ لأن النفس في تلك الحال قد تكرهها ثم يندم على هذا الفعل.
بالنسبة إلى صلاتها عليها أن تصلي في مكان مستور، وأن تستر جميع بدنها باللباس، لا يبدو منها لا شيء من أصابع يديها ولا رجليها ولا شعرها وإنما يبدو وجهها فقط. وإذا أحبت أنها تصلي في المسجد مع جماعة من النساء فلا يمنعها زوجها ولكن بيتها خير لها، وإذا خرجت إلى المسجد أو خرجت إلى السوق فلا تخرج متطيبة متجملة بل تخرج بثياب .. وعليها أن تلبس اللباس إذا خرجت، اللباس الذي يستر ظهور قدميها بحيث إنها إذا مشت لا يبدو شيء من بدنها ولا رؤوس الأصابع ولا أظافر يديها أو رجليها لأنها عورة، ولا تتطيب إذا خرجت بطيب له رائحة فطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه.
كذلك وردت أسئلة عن كثير من النساء عن حكم قص الشعر أو صبغه فنقول: لا يجوز لها أن تقص شيئا من شعرها إلا إذا كانت عجوز كبيرة فوق السبعين سنة وشق عليها مشطه وتسريحه وتضفيره. أما من دونها فإنها ترجله وتجعله ضفائر، تفتله قرونا كما هو المعتاد ولا يجوز لها أن تجمعه صفة خلف رأسها مخافة أن تدخل في الوعيد أو في الصفة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يجدن رائحة الجنة في الآخرة .
وكذلك أيضا ورد أنه صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة والمتفلجات والواشرة والواصلة التي تصل شعرها بشعر غيرها، والنامصة التي تنتف الشعر من الحاجب، والواشمة التي تشم الجلد بالوشم الذي هو نقوش في داخل الجلد، والمتفلجات اللاتي يفلجن ما بين الأسنان حتى يكون بين الأسنان فتحات، والواشرة التي تحدد أسنانها حتى تكون الأسنان كالمشراب كل هذا من تغيير خلق الله، وعلى كل حال على المرأة أن تتجنب الِأشياء التي تخالف ما خلقت له، وبذلك تكون مطيعة لله تعالى.
س: امرأة أتاها الحيض وهي صغيرة في السن ولكنها لا تدري هل أتاها في سن التاسعة أم الثانية عشرة؟ ولم تصم إلا عندما عقلت أي بلغت سن التكليف مع العلم أنها كانت تجهل الحكم الشرعي لذلك؛ فهل عليها صيام تلك الرمضانات التي لم تصمها؟ وعمرها الآن قد تجاوز الخمسين سنة؟
لا بد من القضاء فإنها إذا بلغت فهي امرأة يلزمها القضاء، يلزمها أن تصوم، وعلى أوليائها أن يلزموها، ولو كان عمرها عشر سنين. كثير من الآباء والأمهات إذا حاضت البنت وعمرها عشر أو إحدى عشرة أو اثنتا عشرة أو ثلاث عشرة قالوا: صغيرة لا نصومها، لا تستطيع لا تقدر وهذا خطأ فإنها بمجرد ما تأتيها العادة يأتيها هذا الحيض تكون قد بلغت فيلزم أن يلزموها بهذه الحال أن تقضي تلك السنوات. وتحتاط إذا كانت لا تدري هل تركت ثلاث رمضانات أو أربع، تجعلها أربع فتصوم أربع رمضانات، ولو متفرقة ولو أن تصوم يوما وتفطر يوما إلى أن تقضي هذه الأشهر.
ما سألت طوال هذه سنين، بلغ سنها خمسين سنة وهي ما سألت فإنها تعتبر مفرطة، الكفارة عن كل شهر نحو خمس وأربعين كيلوا من الأرز تتصدق به على المساكين أو تدفع للجمعيات الخيرية هذا هو الذي يلزمها.
كذلك أيضا الصبي إذا احتلم وجب عليه الصوم، يعني قد يحتلم وعمره إحدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة؛ فبالاحتلام يكون قد بلغ فإذا لم يصم لزمه القضاء لما أفطره بعد الاحتلام.
س: .. هذه الكفارة يا شيخ هي تصوم وعليها الكفارة؟
تقضي وعليها كفارة عن كل يوم نحو كيلو ونصف، عن الشهر خمسة وأربعين كيلو.
س: ما حكم لبس المرأة للملابس الضيقة أمام النساء والرجال المحارم فقط؟
أرى أنه لا يجوز ولو كان أمام النساء، لبس البنطال أو لبس الثياب الضيقة التي تصف الثديين وعظام الصدر والمنكبين والأليتين والعضدين وما أشبه ذلك. هذا لا يجوز ولو كان ما عندها إلا محارم أو نساء لأن في ذلك تبيين لمفاصيل وتفاصيل أعضائها وذلك من العورة المنهي عنها.
س: توسعة الطرقات أو استحداث طريق للمسلمين تنفعهم أو تنفع بعضهم؛ هل هذا من الوقف وصدقة جارية؟
نعم. إذا كان الناس بحاجة إلى فتح طريق وهذا الطريق مملوك لك من عهد آبائك وأجدادك، وفضلت على المسلمين وفتحت معهم طريقا يذهبون معه إلى البيوت البعيدة والأماكن النائية -فلك أجر، كأن هذا وقف يأتي صاحبه أجره كما لو جعله مقبرة أو جعله مسجدا يصلى فيه أو مسجد عيد فله أجر ذلك.
س: ما حكم جلوس الحائض في مصلى النساء ؟
نرى أنها لا تجلس في داخل المسجد، وإذا كان هناك مصلى للنساء فلا تجلس فيه وإنما تجلس في زاوية من زوايا تبع الملحقات وما أشبهها. في حديث صلاة العيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد حتى الحيض ويعتزل الحيض المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، مع أن مصلى العيد واسع ومع ذلك أمرهن أن يعتزلن، يكن في جانب؛ هذا دليل على أن المرأة لا تدخل المساجد التي يصلى فيها.
س: .. المرأة المعيلة ولديها طفلان قامت باستقدام خادمة وهي معها منذ سنة، وقد سمعت من بعض الناس من يقول: إن استقدامها حرام وذلك لعدم وجود محرم معها وهي محتارة؛ فما رأيكم؟
لا حرج عليها فإنها محتاجة ومضطرة إلى هذه الخادمة التي تقوم مقامها عندما تذهب لعملها، والإثم على أهل الخادمة الذين أرسلوها بدون محرم الإثم عليهم. وأما الذين يستخدمونها فلا إثم عليهم، وذلك لأنهم محتاجون لعدم المماليك الذين يخدمون فاضطروا إلى استقدام هؤلاء بهجرة واحتيج إلى استقدامهم ولو من بلاد بعيدة، وإذا احتيج إلى ذلك فإن هذه الحاجة يغتفر بها ما يحصل من المخالفة.
س: هناك امرأة متزوجة وتعاني من زوجها منذ حوالي عشرين سنة وذلك بسبب عصبيته وسوء أخلاقه وهو يشتمها وأحيانا يضربها ويلعنها، ولا يهتم بها ولا بأولادها وهي تمتنع عن فراشه أحيانا وتبقى غاضبة عليه مدة أسبوعين أو شهر؛ فما الحكم في فعلها هذا؟ أفادكم الله.
عليها أن تنصحه عن هذه الأخلاق السيئة من جملتها الشتم واللعن والسباب وما أشبه ذلك، وكذلك مد اليد وضربها وهي ما أذنبت ولا حصل منها عصيان؛ وإنما ذلك لسوء أخلاقه وشراسته وشدة غضبه لأنها ... ولا شك أنها متى صبرت، واحتسبت على سوء أخلاقه؛ أثابها الله تعالى فتحرص على ما يسبب البقاء معه لأجل مصلحة الأولاد وتربيتهم، وتتحمل ما يأتي إليه.
وننصحها بألا ترد عليه إذا غضب حتى لا يشمئز منها. وننصحها ألا تعصيه إذا طلبها في الفراش ولو أنه أساء إليها فإذا أحسنت الخلق ودعت له فربما يتغير ويتأثر. وإذا كانت هذه الأخلاق طبيعة له وليس في رجوعه وتخلقه بغيرها حيلة فلها أن تطلب الطلاق حتى لا تصل .. البقاء معه وعدم إعطائه حقوقه وكذلك حتى لا يتعرض بسببها إلى هذه المعاصي .
س: أفادكم الله. يقول ما حكم الحلف بعبارة بالحرام أو علي الحرام أوحرام بالله؟
هذه العبارة فيها كفارة سواء حرم شيئا معين أو حلف بالحرام، فإذا كان يقصد امرأته بالحرام من امرأتي؛ فعليه كفارة ظهار مذكورة في أول سورة المجادلة. وإذا كان يقصد تحريم شيء فعليه كفارة يمين؛ فإذا قال: هذا الطعام عليّ حرام، أو هذا الثوب علي حرام ما ألبسه، أو حرام علي ما أركب هذه السيارة أو ركوبها، أو حرام علي سكنى هذا البيت، أو علي الحرام لا أكلم فلانا وهو يقصد تحريم الكلام؛ فهذا فيه كفارة يمين.
قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم مرة شرب عسل وقال: هو عليّ حرام ثم أحله الله له وأنزل عليه لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وأمره بالكفارة بقوله: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ؛ أي بين لكم الكفارة التي تستحلون بها ما حلفتم عليه، فإذا قال: هذا عليّ حرام وفعله كفارة يمين.
س: يوجد -وفقكم الله- مساجد قديمة واستبدلت بمساجد حديثة وتعطلت المساجد القديمة ...؛ فهل يصح بيعها ولمن يعطى الثمن؟
يتدخل في هذا القضاة المسئولون فإذا رأوا أنها ليس حولها أناس يصلون بل السكان قد انتقلوا، أو بني بجوارها مسجد جديد على الطراز الحديث واستغني عنها؛ فللقاضي أن يبيعها. وإذا باعها فإن وجد مسجد بحاجة إلى عمارة؛ صرف ثمنها في عمارة مسجد وإلا صرف في وجوه الخير.
س: ... توجد الملابس المستوردة كالقبعات وبدل الأطفال وملابس الرياضة، ويقال: إنها تدل على ...؛ فما حكم ارتداء هذه الملابس التي يرسم عليها هذا الشعار أو بعضا منه؟ ...
ينظر هذا الشعار فإن كان على صورة الصلبان فلا يلبس إلا بعد طمسه أو محوه وغسله حتى يزول، أو تغييره بالكتابة إلى أن يتغير لونها. وكذلك إذا كان شعار .. الكفار من النصارى أو اليهود أو نحوهم شعارا لهم ودعاية إلى أعمالهم أو إشهارا لهم؛ فأرى أيضا أنه لا بد من تغييره قبل لبسه على صغير أو كبير، فأما إذا لم يكن شعارا وليس شبيها بالصليب فلا بأس بلبسه.
س: بعض المحدثين يلقون المواعظ ثم يقومون بترتيل الآيات التي يستفاد بها؛ هل هذا النهج صحيح؟
مشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب في الجمع وكان يقرأ في خطبه آيات، وكذلك في تذكيره ومواعظه، ولم يكن يجعل للآيات أسلوبا يخصها بل كانت قراءته للآية والحديث وللكلام الذي يتكلم به سواء. لا شك أنه كان يتكلم باللغة الفصحى، وكان يرتل أيضا الكلام ترتيلا، ولا يسرده سردا ويرمي به رميا سريعا، بل يترسل في كلامه؛ تقول عائشة رضي الله عنها: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث سردا ؛ يعني يسرع في إلقائه فكما أنه يرتل في القرآن إذا قرأه عملا بقوله تعالى وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ؛ فكذلك أيضا في خطبه وفي ..تذكيره يرتل الكلام، لأنه أوقع في النفوس وأقرب إلى أن يحفظه السامعون.
س: الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول السائل: تقدمت بقرض من بنك التسليف من أجل ترميم بيت قديم، فإن أردت بهذا الغرض قضاء ديوني وطلب مني البنك التوقيع على ورقة يشهد عليها شاهدان أني عاجز على السكن في البيت القديم بعد الترميم؛ فما حكم ذلك وهل يأثم الشاهدان؟
ننصحك بالصدق فيما تطلبه وما تتقدم إليه، وفي الصدق فرج وخير كثير؛ فمثل هذا يعتبر فيه كذب؛ يعني أنك تريد بهذا القرض وهذه السلفة غير ما سميت. أنت تقدمت إلى بنك التسليف على أنك تريد ترميم بيتك ولست بصادق، والشهود الذين شهدوا ليسوا صادقين؛ حيث شهدوا أنك تريد الترميم، فننصحك باستعمال الصدق وننصح الشاهد ألا يشهد إلا على حق، وفي الحلال غنى عن الحرام أو غنى عن المشتبه، ولو كنت بحاجة إلى هذا القرض لوفاء دين. وبكل حال إذا استلمته بهذا فلا نلزمك بأن ترده؛ لأنه قد كتب في ذمتك أَوْفِ به دينك، وتب إلى الله.
س: رجل وعائلته كانوا في مكة وأرادوا أن يأتوا بعمرة فأحرموا بدون حل؛ أي من الحرم وأدوا العمرة؛ فما الحكم؟
كلمة الحل محتمل أنها قبل المواقيت، أو بعد المواقيت، أو قبل أن يصلوا إلى الحرم بقليل؛ فنقول: يجوز أن تحرموا قبل الميقات. لو أحرمتم من الطائف أو أحرمتم من هذه البلد جاز ذلك ولا شيء عليكم، وإن كان الأولى عدم التسرع والإحرام من المواقيت المحددة؛ كميقات السعدية لمن نزل في الأرض الساحلية.
وميقات وادي محرم لمن نزل على .. وميقات السيل لمن جاء من نجد وما أشبهها. أما إذا أحرمتم بعد ما تجاوزتم الميقات، تعديتم الميقات بمسافة ولو ربع ساعة؛ فإن من أحرم بعد الميقات فعليه دم، عليه فدية.كذلك الذين يؤخرون الميقات إلى قبيل الحرم يحرمون مثلا من التنعيم في طريق المدينة أو من عرفة أو ما أشبه ذلك، هؤلاء أيضا تجاوزوا الميقات. من تجاوز الميقات وأحرم بعده فعليه دم سواء كان الإحرام بحج أو بعمرة.
س: وإن كان المحرم رجلا موجودا في مكة في موسم الحج أو من سكان مكة أو مولود في داخل مكة ؟
أهل مكة إذا أرادوا العمرة خرجوا إلى خارج الحدود حدود الحرم إذا تجاوزوا الأميال التي هي حدود الحرم في طريق السيل أحرموا من ورائها أو أحرموا من عرفة أو أحرموا من التنعيم صح إحرامهم. أما أهل مكة فلا عمرة عليهم عمرتهم الطواف، ولكن لو أراد أحدهم أن يحرم بعمرة فإنه يخرج إلى خارج الحدود.
س: ما الحكم في .. كفارة يمين عن شخص آخر بقوله: أنا أكفر عنه؟
إذا كان عاجزا عن الكفارة من ماله فعليه أن يصوم، يصوم ثلاثة أيام وإذا كان قادرا فنرى أنه لا يصح أن يتحمل عنه أحد؛ لأنها هذه الصدقة التي تبرعت بها يكون أجرها لك أيها المتصدق، فيبقى ذلك المكفر، لكن يجوز أن تعطيه تهدي إليه نصف كيس من الأرز كهدية، وإذا قبله أخرج الكفارة منه.
س: هل يلزم استئذان الوالدين إذا أراد السفر لطلب العلم أو دعوة حتى ولو لم يكن هناك حاجة للولد؟ وهل يجوز للشخص أن يؤدي الكفارة عليه؟ ...
نرى أنه يستأذن والديه ولو لم يكونا بحاجة إليه، إذا كان السفر يستدعي غيبة طويلة كالذي يسافر للجهاد مثلا، أو يسافر لطلب العلم يستغرق سنة أو نصف سنة، أو يسافر لطلب المعيشة يعني يتكسب ويحترف -عليه أن يلتمس رضا والديه، ولو لم يكونا بحاجة. وعلى والديه إذا لم يكونا بحاجته، ألا يمنعاه من طلب العلم النافع والدراسة المفيدة، والجهاد المفيد إذا كان يحتاج إليه، وكانا مستغنيين عنه.
س: يقول: والدي وكيل عن أولاد عمي المتوفى، وبعض الأحيان يمكن .. أن .. الوالد .. في الصدقات عن علم أولاده؛ هل عملهم هذا فيه شيء ؟
إذا كانوا يتامى فيحفظ أموالهم ولا يتصدق منها وينفق عليهم نفقة اقتصاد، وعليه أن ينمي أموالهم يتجر بها أو يساهم فيها بشيء له فائدة وربح، ويزكيها حتى لا تنقص من الزكاة ومن النفقة، وليس له أن يتصدق منها. أما إذا كانوا بالغين أو كان أحدهم بالغا ووافق ورضي بهذا الإنفاق فإنه يجوز ذلك، وتكون الصدقة من نصيب ذلك الذي وافق على هذه الصدقة.
س: يقول: بعض الأشخاص إذا قضى أمرا له أهمية أو له مهمة؛ لو قيل له: ما الواسطة في ذلك؟ قال: بواسطة الله؛ فما توجيهك في ذلك؟
لعله يعني الله هو الذي أعانني لم يكن لي واسطة بيني وبين فلان إلا الله تعالى؛ كأنه يقول: راجعت المسئولين فأعطوني، ولم يكن بواسطة من الناس، إنما الله تعالى هو الذي ألان قلوبهم ويسر هذا الأمر منهم بدون أن آتي بواسطة. لا مانع في ذلك.
س: المريض في غيبوبة عشرة أيام أو أكثر؛ ماذا عن صلاته أو المريض في البنج لتحضير العملية أو غيرها؛ هل يقضي؟
إذا أفاق بعد يومين فإنه يقضي سواء من إغماء مرض أو من إغماء بنج -يقضي يوما أو يومين أو ثلاثة أيام. أما إذا كان الإغماء طويلا كالذي يحصل من آثار الحوادث أو من آثار بعض الأمراض التي تغلب على الإحساس فيبقى مغمى عليه عشرة أيام أو شهرا أو أكثر أو أقل -فإنه لا يلزمه القضاء وذلك لأنه في غيبوبة ولم يكن مكلفا في ذلك الوقت.
س: في بعض البيوت مدفأة أو موقد نار تجاه القبلة؛ فهل يؤثر هذا إذا صلى المصلي تجاه القبلة وهو ...؟
إذا كان فيه نار تشتعل شعلة نار فلا يستقبلها، أما إذا كانت جمرات أو لم يكن فيه وقود أو ما فيه إلا رماد النار أو كذلك المدفئة وهي الدفاية الكهربائية أو التي توقد على الغاز -فلا تضر ولا تسمى نارا، وكذا الأنوار الكهربائية يجوز استقبالها لأنها لا تشبه النار التي تعبدها المجوس.
س: هل .. المصلى فريضة مما لم يع في صلاته إلا ما قد .. منها و.. قام وأعاد من جديد ...
يحدث هذا كثيرا، أن الإنسان يدخل الصلاة ثم يخرج منها ولا يحس بأنه دخلها، ولا يدري هل سبح أو كبر أو نحو ذلك خصوصا مع الأئمة يعني إذا كان مأموما، فنقول له: له تجزئك صلاتك لأنك تابعت الإمام متابعة ظاهرة وهكذا لو كنت منفردا. والعادة أنك واصلت الصلاة ركعتين كالفجر أو أربع كالظهر ولم تخل بشيء من الأركان؛ فلا يلزمك الإعادة ولكن لا شك أن الأجر ناقص لعدم حضور القلب في الصلاة.
س: ... سجد أو قرأ الفاتحة ..
إذا كان مع الإمام فمن المعلوم أنه يتابع الإمام. ولو تأخر لأنكر عليه من إلى جانبه، لكن إذا كان وحده فيبني على ما هو الأصل، عليه أن يجتهد في إحضار قلبه في الصلاة، وإذا غلبه الوسوسة وحديث النفس؛ فإنه معذور لأنه قد يتكرر ذلك منه ويشق عليه الإعادة مرة بعد مرة.
س: يقول السائل: أحيانا يكون في المواعظ والخطب من الوعيد وعن عذاب القبر وعذاب النار فيدفعه ... هل هذا من نواقض الإسلام؟ وما هي ...
لا شك أن هذا ذنب كبير، نقول: الذين يذكرون ويعظون، يذكرون بعذاب القبر وبنعيم القبر وبالنار وبالجنة وبالموقف وبما فيه وبالعقوبات التي عاقب الله تعالى بها العصاة؛ يعني ككونه أغرق قوم نوح بالطوفان، وأغرق قوم فرعون في البحر، وأرسل على ثمود الصيحة وعلى قوم لوط الرجم بالحجارة، وكذلك على عاد الحاصب وما أشبه ذلك.
فالواجب إذا سمعت مثل هذه من المواعظ أن يلين قلبك، وأن تتقبل ذلك ولا تمل من سماع هذه العبارات، ولا تستنكر على من يكررها لأن فيها ما يرقق القلوب، وفيها ما تدمع له العين ويحزن له القلب. فننصح الذين ينكرون على الوعاظ، ونقول لهم: إنكاركم هذا رد للحق الواضح، يخاف أن يكون كراهة لما أنزل الله، تدخلون في هذه الآية ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ .
فإذا كان هذا عن عقيدة فإنهم يكفرون بذلك، إذا قالوا: لا حاجة إلى هذه المواعظ تكفينا الخطب هذه المواعظ التي تقولونها ليست صحيحة، أو هذا من الخرافات ومن الأكاذيب أو آذيتمونا بهذه الآيات وهذه الأحاديث التي ترددونها أو ما أشبه ذلك -يخاف إذا كان عن اعتقاد أن يكون ردة عن الإسلام، ويستحق مثل هذا التعزير والتعذيب والتنكيل والجلد والحبس إلا أن يتوب.
س: جزاكم الله خيرا. امرأة قد اعتمرت ونسيت أن تقصر من شعرها، ولم تتذكر إلا بعد يومين وما زالت في مكة فقامت بالقص، علما بأنه حصل بينها وبين زوجها ما يحصل بين الزوجين؟
معنى ذلك أنها وطئها زوجها قبل أن تتحلل؛ لأن التحلل لا يكون إلا بالتقصير فيكون عليها دم يعني شاة واحدة من الغنم تذبح لمساكين الحرم .
ختاما نشكر فضيلة الشيخ، ونسأل الله أن يجزيه عنا خير الجزاء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .

line-bottom